*الجرأة الإيرانية تستفزّ تل أبيب: طهران تتصرّف كـ«دولة عتبة»* *علي حيدر* الثلاثاء 19 أيلول 2023 الجرأة الإيرانية تستفزّ تل

*الجرأة الإيرانية تستفزّ تل أبيب: طهران تتصرّف كـ«دولة عتبة»*

*علي حيدر*
الثلاثاء 19 أيلول 2023

الجرأة الإيرانية تستفزّ تل أبيب: طهران تتصرّف كـ«دولة عتبة»
المخاوف الإسرائيلية عبّر عنها بيان رسمي صادر عن مكتب نتنياهو (أ ف ب)

ولّد الردّ الإيراني على التملّص الأوروبي من الالتزامات والمواعيد المحدَّدة في الاتفاق النووي لعام 2015، وآخرها رفع العقوبات عن التكنولوجيا والصواريخ الإيرانية بحلول الشهر المقبل، وذلك باستبعاد ثلث مراقبي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مخاوف إسرائيلية عبّر عنها بيان رسمي صادر عن مكتب رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو. إذ جاء فيه أن «إسرائيل ليست متفاجئة من خطوات إيران التي تثبت انتهاكها الالتزامات تجاه المجتمع الدولي، وتطلّعها إلى حيازة سلاح نووي»، وأن «إسرائيل ستقوم بكلّ ما يلزم من أجل حماية نفسها إزاء تهديد كهذا».

وتنبع المخاوف الإسرائيلية من معطيَين اثنين: الأوّل، تقني، إذ إن تراجع رقابة الوكالة على البرنامج النووي الإيراني يُعدّ أمراً خطيراً بالنسبة إلى تل أبيب والعواصم الغربية أيضاً؛ والثاني متّصل بـ«اللاتناسب» المتوقّع في الردّ على الخطوة الإيرانية، وما يمكن أن يترتّب على ذلك من نتائج سياسية وردعية، على الرغم من أن تلك الخطوة تشكّل تحدّياً مباشراً وجريئاً للغرب وإسرائيل، وتثبت مرّة أخرى أن إيران «لن تتردّد في تكثيف خطواتها المضادّة إذا ما تمّ اتّخاذ إجراءات إضافية أخرى ضدّها». وكانت تذرّعت الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في قرارها تمديد العقوبات، بأن إيران رفعت التخصيب إلى أعلى من مستوى 20%، وباتت لديها مواد تكفي لصنع ستّ قنابل، متجاهلةً أن هذه الإجراءات أتت ردّاً على خروج الولايات المتحدة من «خطّة العمل المشتركة الشاملة». كما تذرّعت، في القرار المذكور، بتزويد إيران روسيا بالسلاح، والذي يشكّل بالنسبة إليها «خطّاً أحمر» كما قالت.

على أيّ حال، مثّلت الخطوة الإيرانية الأخيرة مؤشّراً إضافياً، بالنسبة إلى كيان العدو، إلى عدم استقرار البرنامج النووي الإيراني، لا بل أكدت بشكل ملموس أنه مفتوح على سيناريوات ومخاطر قد تكون تصاعدية، وهو ما يعني أنه لا يمكن الركون إلى الوضع الحالي على المستويَين النووي والاستراتيجي. وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، اللواء تامير هايمن، الإجراء الإيراني شاهداً على «المعنى الاستراتيجي لكون إيران دولة عتبة نووية»، محذّراً من أنه «في واقع كهذا، كلّ نشاط إيراني يُفسَّر على أنه خطير ومزلزل». ورأى هايمن أن «إيران تتعامل كدولة (عتبة) نووية من دون أن تدفع أيّ ثمن للقنبلة النووية، وهذا يُنتج لديها ثقة بالنفس وقدرة على انتهاج سياسة (محدّدة) إزاء ما تراه سياسة غير معقولة من جانب ألمانيا وفرنسا وبريطانيا».

تتركّز الأنظار في تل أبيب على ما سيشهده اللقاء المرتقب بين نتنياهو وبايدن

وإذ ينطوي موقف هايمن على إقرار بتحوّل البرنامج النووي الإيراني إلى قوة ردع إضافية، إلى جانب عوامل الردع الأخرى التي تمتلكها إيران، فهو لا يخلو من تحذير من أن عنصر الخطورة الكامن في هذا الوضع يتمثّل في أن هامش الحرية (المناورة) لدى الطرفين قد انمحى. ونتيجة لذلك، فإن أيّ خطوات من قِبَل الغرب أو إيران يمكن أن تؤدي إلى تصعيد غير مخطَّط له، وفق سيناريو: «خطوات نووية - ردّ مضادّ - خطوات نووية مضادّة»، بحسب ما نبّه إليه هايمن، مشيراً إلى أن منطقة الحصانة التي تمتلكها إيران تسمح لها بالسير على الحافّة. أمّا رئيس الاستخبارات السابق، اللواء عاموس يادلين، فرأى في خطوة طهران الأحدث ترجمةً لما تعتقده الأخيرة من «تحوّل إيجابي في مكانتها الدولية»، لافتاً إلى أن هذا التحوّل تجلّى في تحالفها مع الصين وروسيا، وعقدها اتّفاقاً مع السعودية، إضافة إلى التفاهمات التي أبرمتها مع الولايات المتحدة لتهدئة الوضع النووي، فيما إسرائيل مردوعة عن أيّ خيار عسكري دراماتيكي ضدّ برنامجها النووي.

في خضمّ ذلك، تراقب إسرائيل ردّ الفعل الدولي على الخطوة الإيرانية: فإن لم يرتقِ إلى مستوى التحدّي، فإنه سيعزّز قوة الردع لدى طهران، وقد يدفعها إلى مزيد من الخطوات التي تنطلق من الثقة المتزايدة بالنفس؛ أمّا إن كان دراماتيكياً أو ما يقرب من هذا الطابع، وهو سيناريو مستبعد، فهو سيستدرج ردوداً إيرانية مقابلة، ويضع المنطقة أمام منعطف جديد. وعلى رغم ما تَقدّم، فإن الذي يحول دون تدحرج إسرائيل نحو حالة من الهستيريا حتى الآن، هو أن الإجراءات الإيرانية الأخيرة تُعدّ جزئية وليست شاملة لكلّ المراقبين، كما أن من الممكن التراجع عنها في حال تمّ التوصّل إلى توافق ما، فضلاً عن أغلب التقديرات الغربية والإسرائيلية تستبعد أن تكون مقدّمة لخطوات دراماتيكية، وإنْ أشعلت الضوء الأحمر بخصوص التحدّي النووي الإيراني.
وفي انتظار ما سيحمله المستقبل، تتركّز الأنظار في تل أبيب على ما سيشهده اللقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم غدٍ، حيث سيبحثان مجموعة من القضايا ومن ضمنها، وفق مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، «كيفية التصدّي بفاعلية لإيران وردعها». ومع ذلك، فإن أحداً في إسرائيل لا يتوقّع مواقف وخطوات أميركية، من شأنها إحداث تغيير جذري في المعادلة القائمة مع إيران
المصدر : admin
المرسل : Sada Wilaya